الذهب يتراجع إلى ما دون 4000 دولار مع ثبات الدولار بينما ينتظر السوق بيانات التضخم
تراجعت أسعار الذهب مجددًا إلى ما دون المستوى النفسي المهم عند 4000 دولار للأونصة في تعاملات الثلاثاء 4 نوفمبر 2025، متأثرة بارتفاع الدولار الأميركي إلى أعلى مستوى له في ثلاثة أشهر، في وقت يترقب فيه المستثمرون بيانات التضخم الأميركية التي قد تحدد المسار المقبل لسياسة الاحتياطي الفدرالي.
تأثير الدولار القوي على أسعار الذهب
يُعتبر ارتفاع الدولار أحد أبرز الضغوطات التي تواجه سوق الذ هب في المرحلة الحالية. ومع تسجيل مؤشر الدولار الأميركي أعلى مستوياته في ثلاثة أشهر، ارتفعت تكلفة شراء الذهب لحائزي العملات الأخرى، ما زاد من عمليات البيع وجني الأرباح بعد مكاسب قوية سجلها المعدن النفيس خلال الأشهر الماضية.
وقد انخفض سعر الذ هب الفوري بنسبة 0.8% ليصل إلى 3968.09 دولارًا للأونصة، فيما تراجعت عقود الذ هب الآجلة تسليم ديسمبر بنسبة 0.9% لتستقر عند 3979.20 دولارًا، لتغلق أسفل الحاجز النفسي الذي شكل دعمًا رئيسيًا للمعدن في الأسابيع الماضية.
الفدرالي الأميركي بين الانقسام والحذر
تُعد سياسة الفدرالي الأميركي العنصر الأكثر تأثيرًا في تحركات الذ هب خلال الأشهر الأخيرة. وبعدما خفّض البنك المركزي أسعار الفائدة مرتين هذا العام، بدأت تظهر انقسامات واضحة بين أعضاء الفدرالي بشأن الحاجة إلى خفض جديد في ديسمبر المقبل.
وأكد جيروم باول، رئيس الفدرالي الأميركي، الأسبوع الماضي أن خفضًا ثالثًا للفائدة في 2025 “ليس أمرًا محسومًا”، مشيرًا إلى ضرورة مراقبة البيانات الاقتصادية عن كثب قبل اتخاذ قرار جديد. هذا التصريح دفع المستثمرين إلى تقليص رهاناتهم على خفض قريب، ما انعكس مباشرة على أسعار الذهب.
ووفقًا لأداة «فيد ووتش» التابعة لمجموعة «سي.إم.إي»، تتوقع الأسواق الآن بنسبة 65% فقط خفضًا للفائدة في ديسمبر، مقارنة بـ90% قبل تصريحات باول. هذا التراجع في التوقعات ضغط بشدة على المعدن النفيس الذي يستفيد عادة من بيئة معدلات الفائدة المنخفضة.
تحليل اقتصادي: الذهب بين الدعم النفسي والمستويات الحرجة
من الناحية الفنية، يواجه الذهب منطقة دعم حرجة بين 3950 و3930 دولارًا للأونصة، وهي مستويات يُرجح أن تحدد الاتجاه قصير المدى للسوق. وفي حال كسر هذا النطاق نزولًا، فقد يفتح الباب أمام موجة تصحيح أوسع نحو 3880 دولارًا.
أما على الجانب الصعودي، فإن عودة الأسعار فوق 4020 دولارًا ستعيد الزخم الإيجابي وتفتح المجال للعودة إلى مستويات 4100 دولار، خاصة إذا جاءت بيانات التضخم الأميركية ضعيفة وأعادت التوقعات بخفض قريب للفائدة.
رأي الخبراء: الدولار شوكة في خاصرة الذهب
قال ديفيد ميغر، مدير تداول المعادن في “هاي ريدج فيوتشرز”، إن “الارتفاع القوي في الدولار الأميركي يمثل ضغطًا طبيعيًا على الذ هب، خصوصًا مع تضاؤل فرص خفض الفائدة في ديسمبر”. وأضاف أن جزءًا من هذه القوة يأتي من البيانات الاقتصادية الأميركية التي أظهرت مرونة غير متوقعة.
من جانبه، أوضح تيم ووترر، كبير محللي السوق في “كيه.سي.إم تريد”، أن “قوة الدولار تمثل شوكة في خاصرة الذهب، فيما يعيد المستثمرون تقييم احتمالات السياسة النقدية قبل نهاية العام”.
العوامل العالمية المؤثرة على شهية المستثمرين
تتزامن ضغوط الدولار مع تحركات جيوسياسية واقتصادية عالمية تزيد من تقلبات السوق، من بينها التطورات التجارية بين الولايات المتحدة والصين. فقد أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع الماضي عن موافقته على خفض الرسوم الجمركية المفروضة على الصين مقابل تنازلات متبادلة، مما ساهم في تهدئة المخاوف التجارية لكنه أضعف الطلب على الذ هب كملاذ آمن.
وفي المقابل، يواصل المستثمرون مراقبة أداء الاقتصاد الأميركي من خلال بيانات الوظائف ومؤشرات التضخم، إذ يمكن لأي مفاجأة سلبية أن تعيد الطلب على الذ هب بقوة، خصوصًا بعد ارتفاعه بنحو 53% منذ بداية العام.
المعادن النفيسة الأخرى تحت الضغط
لم تسلم المعادن النفيسة الأخرى من الضغوط، حيث تراجعت الفضة بنسبة 1.3% إلى 47.47 دولارًا للأونصة، وانخفض البلاتين 1.2% إلى 1547.09 دولارًا، فيما هبط البلاديوم بنسبة حادة بلغت 3.5% إلى 1394.75 دولارًا.
ويُنظر إلى هذه التحركات على أنها جزء من عملية تصحيح فني واسعة بعد موجة صعود قوية في الربع الثالث من 2025، مدعومة بخفض الفائدة الأميركية وعمليات شراء واسعة من البنوك المركزية.
توقعات المحللين للمرحلة المقبلة
يرى محللو المؤسسات المالية أن الذ هب ما زال يحتفظ بأساسيات قوية على المدى المتوسط والطويل، رغم التراجع الحالي. وتوقعت “مورغان ستانلي” في تقريرها الأخير أن تصل أسعار الذ هب إلى 4500 دولار للأونصة بحلول منتصف 2026، مدفوعة بتزايد الطلب الاستثماري وتوسع المشتريات الحكومية.
في المقابل، أشارت “جي بي مورغان” إلى أن أي تباطؤ في وتيرة خفض الفائدة أو عودة التضخم للارتفاع قد يؤخر المكاسب المتوقعة حتى النصف الثاني من العام المقبل.
الذهب ينتظر إشارة الفدرالي
في المجمل، يظل الذهب رهين إشارات الفدرالي الأميركي، حيث يترقب المستثمرون بيانات التضخم وتقرير الوظائف الأميركية هذا الأسبوع للحصول على إشارات أوضح حول مسار السياسة النقدية. أي ضعف في البيانات قد ينعكس إيجابًا على المعدن الأصفر ويعيده فوق مستوى 4000 دولار سريعًا.
أما استمرار قوة الدولار وارتفاع عوائد السندات فسيعني مزيدًا من الضغط على المعدن النفيس، وقد يمتد التصحيح نحو مستويات أقل، في ظل بيئة تتسم بالحذر والترقب.
ما الأسباب الرئيسية وراء تراجع الذهب دون 4000 دولار؟
يعود التراجع إلى ارتفاع الدولار الأميركي وتقليص التوقعات بخفض الفائدة في ديسمبر، إضافة إلى عمليات جني الأرباح بعد مكاسب كبيرة في الأسابيع السابقة.
هل يمكن أن يعود الذهب للارتفاع مجددًا قريبًا؟
نعم، في حال جاءت بيانات التضخم أو التوظيف الأميركية ضعيفة، فقد تعود التوقعات بخفض الفائدة وتدعم أسعار الذهب للعودة فوق 4000 دولار.
هل يعتبر الوقت الحالي مناسبًا للشراء؟
قد يمثل التراجع الحالي فرصة جزئية للشراء للمستثمرين على المدى الطويل، خاصة مع توقعات المؤسسات الكبرى ببلوغ 4500 دولار خلال 2026.






















