ارتفاع طفيف لمؤشري S&P وناسداك مع قفزة أسعار الذهب وترقّب محضر الفدرالي
نيويورك – جولد إيجلز: افتتحت الأسهم الأمريكية تداولات الأربعاء على ارتفاع طفيف، في حين تصدّر الذهب المشهد المالي العالمي بقفزة قوية تجاوزت حاجز 4000 دولار للأونصة لأول مرة في تاريخه، وسط حالة من الترقب لمحضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفدرالي (FOMC) وتزايد المخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد الأمريكي واستمرار الإغلاق الحكومي.
المؤشرات الأمريكية تسجّل أداءً متباينًا
بحلول الساعة 09:43 صباحاً بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة، صعد مؤشر S&P 500 بنحو 0.1% (6 نقاط تقريباً)، وارتفع ناسداك المركّب بنسبة 0.3% (82 نقطة)، في حين تراجع داو جونز الصناعي بنحو 0.2% (82 نقطة). ويعكس هذا الأداء المتباين حالة الحذر السائدة بين المستثمرين في ظل غياب البيانات الاقتصادية الجديدة بسبب الإغلاق الجزئي للحكومة الفدرالية.
وقد أثّر توقف صدور المؤشرات الحكومية في توجهات الأسواق، إذ اضطر المتداولون إلى الاعتماد على بيانات بديلة مثل تقارير الاحتياطي الفدرالي في نيويورك، والتي أظهرت تراجعاً في التوقعات المستقبلية وارتفاعاً في توقعات التضخم، مما أثار القلق بشأن مرونة الاقتصاد الأمريكي.
الذهب يقفز إلى مستويات قياسية تاريخية
في خضم هذه الضبابية، ارتفعت أسعار الذهب فوق مستوى 4000 دولار للأونصة، لتسجّل رقماً قياسياً جديداً مدعومة بإقبال واسع من المستثمرين والبنوك المركزية على الملاذات الآمنة. وتعد هذه القفزة جزءاً من موجة صعود مستمرة منذ بداية العام، إذ ارتفع المعدن الأصفر بأكثر من 50% منذ يناير، ليكون في طريقه نحو تحقيق أفضل أداء سنوي منذ عام 1979.
ويرى محللون أن مجموعة من العوامل دفعت الذهب لهذا الارتفاع التاريخي، من بينها:
- تزايد القلق من الإغلاق الحكومي وتأثيره على الاقتصاد الأمريكي.
- تراجع جاذبية الدولار والسندات الأمريكية بسبب توقعات خفض أسعار الفائدة.
- توسع مشتريات البنوك المركزية، وعلى رأسها بنك الشعب الصيني، الذي واصل شراء الذهب للشهر الحادي عشر على التوالي رغم الأسعار المرتفعة.
- تراجع الين الياباني كملاذ تقليدي بعد انتخاب قيادة سياسية جديدة تتبنّى نهجاً أكثر تيسيراً في السياسة النقدية.
كما تشير بيانات الصناديق المتداولة في البورصات (ETFs) إلى زيادة ملحوظة في حيازات الذهب خلال الأسابيع الماضية، مع توقعات باستمرار الزخم بدعم من سياسات الفدرالي الأمريكي المقبلة.
الفدرالي في دائرة الضوء مع صدور محضر اجتماعه
تتركز الأنظار الآن على محضر اجتماع الفدرالي الأمريكي الذي يُتوقّع صدوره في وقت لاحق من اليوم، بعد أن قرر البنك المركزي الشهر الماضي خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية. وقد أشار صانعو السياسة النقدية في الاجتماع إلى احتمال إجراء مزيد من التخفيضات في الاجتماعين القادمين في أكتوبر وديسمبر، بهدف دعم سوق العمل التي تُظهر إشارات تباطؤ.
ووفقاً لتحليلات صادرة عن مؤسسات مالية مثل Vital Knowledge، فإن غياب البيانات الاقتصادية الحديثة سيجعل المستثمرين يركّزون بشكل أكبر على لهجة المحضر، لمعرفة مدى قلق الأعضاء من استمرار التضخم مقابل ضعف التوظيف. ورغم غياب المفاجآت الكبرى المتوقعة، فإن أي إشارة إلى ميل أكثر تيسيراً قد تدعم أسعار الذهب وتضغط على عوائد السندات الأمريكية.
هل يواصل الفدرالي مسار التيسير النقدي؟
يتوقّع معظم المحللين أن يواصل الفدرالي نهج الخفض التدريجي للفائدة خلال الأشهر المقبلة، مع سعيه لتحقيق توازن دقيق بين دعم النمو الاقتصادي والسيطرة على التضخم. ويرى بعض الخبراء أن الفدرالي يفضل الآن تحفيز الاقتصاد حتى لو أدى ذلك إلى تجاوز طفيف في مستويات الأسعار المستهدفة.
ويقول اقتصاديون في ING إن ارتفاع الذهب يعكس “تراجع الثقة في الأدوات المالية التقليدية”، مشيرين إلى أن المستثمرين باتوا يرون المعدن النفيس ملاذاً أكثر أماناً من السندات الأمريكية التي تراجعت جاذبيتها نتيجة تزايد العجز المالي.
الأسواق العالمية بين الحذر والتقلب
على الصعيد العالمي، تباين أداء الأسواق الآسيوية والأوروبية خلال اليوم ذاته. ففي نيوزيلندا، تبنى البنك المركزي نبرة أكثر تيسيراً مما أثار مخاوف من تباطؤ اقتصادي، بينما جاءت قرارات بنك تايلاند أكثر تشدداً على نحو مفاجئ.
أما في أوروبا، فقد خفّفت مؤشرات الأسهم الفرنسية من خسائرها بعدما تراجعت احتمالات إجراء انتخابات مبكرة، في حين أظهرت بيانات ألمانيا – القاطرة الاقتصادية للقارة – تراجعاً في الإنتاج الصناعي لشهر أغسطس، مما أضاف ضغوطاً على اليورو مقابل الدولار.
أسهم التكنولوجيا تتفوق رغم المخاوف
في خضم الاضطرابات الاقتصادية، لفتت بعض الشركات الأمريكية الأنظار بتحركات لافتة في أسهمها. فقد قفز سهم Nvidia بأكثر من 2% بعد تقرير من Bloomberg أشار إلى أن شركة الذكاء الاصطناعي التابعة لإيلون ماسك، xAI، تسعى لرفع تمويلها إلى 20 مليار دولار بمساعدة Nvidia في توريد الرقائق والخدمات التقنية.
وفي المقابل، تراجعت أسهم شركة Penguin Solutions بأكثر من 18% بعد إعلان نتائج فصلية أظهرت مبيعات أقل من التقديرات، ما أدى إلى ضغوط بيعية حادة على السهم.
الذهب يلمع مجدداً كدرع ضد التقلبات
في ضوء التراجع النسبي في عوائد السندات الأمريكية والدولار، يرى المستثمرون أن أسعار الذهب مرشحة لتحقيق مزيد من المكاسب خلال الربع الأخير من العام، خصوصاً إذا أظهر محضر الفدرالي ميلاً واضحاً إلى دعم النمو بدلاً من كبح التضخم.
ويعتقد المحللون أن البيئة الحالية تمثل “العاصفة المثالية” لصعود المعدن الأصفر: تباطؤ اقتصادي، عجز مالي متزايد، سياسة نقدية ميسّرة، وتراجع الثقة في الأسواق التقليدية. ومن المرجح أن يواصل الذهب تسجيل قمم تاريخية جديدة خلال الأسابيع المقبلة، خاصة مع استمرار الطلب المؤسسي من البنوك والصناديق السيادية.
التاريخ يعيد نفسه
يشبّه بعض المحللين الوضع الحالي بفترة أواخر السبعينيات، عندما ارتفعت أسعار الذهب بنسبة تتجاوز 120% في عام واحد مع تراجع الثقة في الدولار الأمريكي وتزايد الضغوط التضخمية. ويبدو أن سيناريو مشابه قد يعيد نفسه مع استمرار الضبابية السياسية والاقتصادية في الولايات المتحدة والعالم.
توقعات المدى القصير والمتوسط
على المدى القصير، يتوقع المتداولون أن يظل الذهب في نطاق دعم قوي بين 3950 و4020 دولاراً للأونصة، مع احتمالات اختبار مستوى 4100 دولار إذا جاء محضر الفدرالي بنبرة أكثر تيسيراً. أما في المدى المتوسط، فقد يقترب الذهب من 4200 دولار بنهاية العام إذا استمرت الظروف الحالية دون تحسن واضح في البيانات الاقتصادية الأمريكية.
وبينما تتجه الأنظار نحو تصريحات مسؤولي الفدرالي خلال الأيام المقبلة، سيبقى المعدن الأصفر في بؤرة الاهتمام كمؤشر رئيسي على مدى ثقة المستثمرين في مستقبل الاقتصاد العالمي.
ما سبب ارتفاع أسعار الذهب الأخيرة؟
يرجع الارتفاع إلى مزيج من العوامل تشمل التوترات السياسية العالمية، الإغلاق الحكومي الأمريكي، وتزايد توقعات خفض الفائدة من قبل الفدرالي، إلى جانب مشتريات البنوك المركزية وعلى رأسها الصين.
هل يتوقع أن يستمر صعود أسعار الذهب؟
يتوقع محللون أن يواصل الذهب ارتفاعه طالما ظلت أسعار الفائدة منخفضة واستمر ضعف الدولار، مع احتمالات تحقيق قمم جديدة خلال الربع الرابع من 2025.
كيف أثّر ارتفاع الذهب على أسواق الأسهم؟
رغم أن ارتفاع الذهب عادة ما يضغط على الأسهم، إلا أن مؤشري S&P وناسداك سجّلا مكاسب طفيفة بدعم من قطاع التكنولوجيا، خاصة سهم Nvidia الذي ارتفع بفعل أخبار تمويل xAI.
ما الذي ينتظره المستثمرون من محضر الفدرالي؟
يتطلع المستثمرون لمعرفة توجه البنك المركزي بشأن وتيرة خفض الفائدة المقبلة، ومدى قلق الأعضاء من تباطؤ النمو الاقتصادي مقابل التضخم المرتفع.
في ظل هذه البيئة المعقدة، يبقى الذهب العنوان الأبرز في الأسواق العالمية، يجذب المستثمرين الباحثين عن الأمان وسط موجة من التحديات الاقتصادية والسياسية. وبينما تتأرجح المؤشرات الأمريكية بين المكاسب والخسائر الطفيفة، تظل الكلمة الأخيرة للفدرالي الأمريكي الذي سيحدد مسار الأسواق في الأشهر المقبلة.
© جولد إيجلز | هذا المحتوى لأغراض إعلامية فقط، ولا يُعتبر توصية استثمارية. منصة جولد إيجلز غير مسؤولة عن أي قرارات مالية أو استثمارية تُتخذ بناءً على هذا المقال.






















