أسعار النفط تتراجع وسط مخاوف تخمة المعروض
تراجع أسعار النفط بعد قرار أوبك+
تراجعت أسعار النفط خلال تعاملات اليوم الثلاثاء، إذ يقيّم المستثمرون قرار تحالف أوبك+ بتعليق أي زيادة في الإنتاج خلال الربع الأول من عام 2026، وسط استمرار المخاوف من احتمال حدوث فائض في المعروض العالمي. وسجل خام برنت انخفاضًا بنحو 0.2% إلى 64.70 دولارًا للبرميل، بينما تراجع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي إلى 60.87 دولارًا للبرميل.
هذا القرار يأتي بعد سلسلة من الزيادات المحدودة في الإنتاج منذ أبريل الماضي، حيث رفع التحالف أهداف الإنتاج بنحو 2.9 مليون برميل يوميًا — أي ما يعادل 2.7% من الإمدادات العالمية — قبل أن يبطئ وتيرة الزيادة في أكتوبر وسط مؤشرات على تباطؤ الطلب العالمي.
تحليل اقتصادي: بين توازن السوق ومخاطر الفائض
يرى محللو بنك أوف أميركا أن قرار أوبك+ الأخير يعكس إدراك التحالف لمخاطر تخمة المعروض، ورغبته في تجنب انزلاق الأسعار إلى ما دون 50 دولارًا للبرميل. واعتبر البنك أن هذا السلوك «يعزز انضباط السوق» ويُظهر نية التحالف في الحفاظ على التوازن رغم التحديات.
في المقابل، تشير بيانات من وكالة الطاقة الدولية إلى أن استهلاك النفط العالمي ما يزال في مسار تصاعدي، مع توقعات بنمو الطلب بنحو 1.2 مليون برميل يوميًا خلال 2026. هذا النمو مدعوم بانتعاش الاقتصاد الصيني وارتفاع الطلب من قطاع الطيران والمصانع في آسيا.
لكن في الوقت ذاته، تواجه السوق ضغطًا من زيادة إنتاج بعض الدول خارج أوبك مثل الولايات المتحدة والبرازيل وكندا، حيث ارتفع إنتاج الخام الأميركي إلى أكثر من 13.3 مليون برميل يوميًا، وهو أعلى مستوى منذ عام 2020.
العوامل الجيوسياسية والاقتصادية المؤثرة في أسعار النفط
تتأثر أسعار النفط بمجموعة معقدة من العوامل، تشمل السياسة النقدية الأميركية، التوترات الجيوسياسية، وسلوك المضاربين في الأسواق. ومع اتجاه الفيدرالي الأميركي نحو الإبقاء على أسعار الفائدة المرتفعة لفترة أطول، يُتوقع أن يظل الدولار قويًا، ما يزيد من الضغط على أسعار السلع المقومة بالدولار مثل النفط.
من ناحية أخرى، تلعب التوترات في الشرق الأوسط وقيود العقوبات الغربية على صادرات روسيا دورًا حاسمًا في تحديد اتجاه الأسعار. فبحسب مصادر من داخل أوبك+، كانت روسيا من أبرز الأطراف التي ضغطت لوقف الزيادات الجديدة بسبب صعوبات تواجهها في زيادة صادراتها وسط العقوبات.
تحليل فني لأسعار النفط
من الناحية الفنية، يتحرك خام برنت في نطاق عرضي بين مستوى دعم قوي عند 64.00 دولارًا ومقاومة عند 67.20 دولارًا. اختراق أي من هذين المستويين سيحدد الاتجاه القادم للأسعار. استمرار التداول دون 65 دولارًا قد يفتح المجال لهبوط إضافي نحو 62.80 دولارًا، بينما اختراق مستوى 67 دولارًا سيُعيد الزخم الصاعد نحو 70 دولارًا للبرميل.
أما خام غرب تكساس الوسيط فيواجه دعمًا فنيًا عند 60.50 دولارًا، وكسر هذا المستوى قد يدفع الأسعار إلى 58.90 دولارًا. المؤشرات التقنية مثل RSI وMACD تظهر إشارات تشبع بيعي معتدل، ما قد ينبّه إلى ارتداد قصير الأجل قبل أي هبوط جديد.
توقعات البنوك والمؤسسات العالمية
أشار تقرير صادر عن مورغان ستانلي إلى أن متوسط أسعار النفط في عام 2026 قد يستقر بين 70 و75 دولارًا للبرميل، بشرط استمرار التزام أوبك+ بخطط خفض الإنتاج الطوعية. في المقابل، توقعت غولدمان ساكس أن تظل الأسعار في نطاق محدود حتى نهاية الربع الأول من 2026، مع احتمالية ارتفاع تدريجي في النصف الثاني من العام.
كما ترى بلومبرغ إيكونوميكس أن التوازن الحالي بين العرض والطلب هشّ للغاية، وأي اضطراب جيوسياسي قد يدفع الأسعار إلى القفز بسرعة تفوق التوقعات.
الآفاق المستقبلية: هل ينجح التحالف في ضبط السوق؟
يبقى السؤال المطروح: هل سيتمكن تحالف أوبك+ من تجنّب سيناريو تخمة المعروض؟ الإجابة تعتمد على مرونة الطلب العالمي واستقرار السياسات الإنتاجية خلال الأشهر المقبلة. وفي حال تراجعت الأسعار دون 60 دولارًا لفترة طويلة، قد تضطر بعض الدول الأعضاء لإعادة النظر في حصصها الإنتاجية.
بصورة عامة، تُظهر البيانات أن التحالف يسعى إلى تجنّب الهبوط الحاد للأسعار، مع الحفاظ على مستويات مقبولة توازن بين مصالح المنتجين والمستهلكين، وهو ما قد يدعم استقرار السوق خلال النصف الأول من 2026.
ما أبرز أسباب تراجع أسعار النفط الأخيرة؟
السبب الرئيسي هو قرار أوبك+ بتعليق زيادات الإنتاج خلال الربع الأول من العام المقبل، إضافة إلى المخاوف من وفرة المعروض وتباطؤ الطلب في الأسواق الكبرى.
هل يمكن أن تنخفض أسعار النفط دون 60 دولارًا؟
نعم، في حال استمرار ارتفاع الدولار أو زيادة الإنتاج من خارج أوبك، قد تنخفض الأسعار مؤقتًا إلى ما دون 60 دولارًا قبل أن تعود إلى التوازن.
ما هي توقعات أسعار النفط لعام 2026؟
تتراوح توقعات المؤسسات الكبرى بين 70 و75 دولارًا للبرميل، مع ترجيح ارتفاع تدريجي في النصف الثاني من العام في حال استقرار الطلب العالمي.






















